المدونة القانونية
قانون الإفلاس وقانون الإعسار للشخص الطبيعي

أصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة قانون الإعسار رقم 19 لسنة 2019 في 29 أغسطس 2019، والذي يتعامل بشكل مباشر مع حالات إعسار الشخص الطبيعي. القانون الجديد بمثابة خطوة اتخذتها حكومة دولة الإمارات لضمان التيسير على المواطنبن والمقيمين المغتربين وتلبية احتياجاتهم لإدارة شؤونهم المالية دون مواجهة أي مشاكل قانونية صارمة. سيدعم القانون الأفراد الذين يواجهون صعوبات مالية قائمة أو متوقعة، مما قد يجعلهم غير قادرين على تسوية ديونهم.
سيمنح القانون الجديد المواطنين والمقيمين الخيار لإعادة جدولة ديونهم وسيتيح لهم الفرصة للحصول على قروض ميسرة جديدة إذا كان ذلك سيساعدهم في التغلب على مشاكلهم المالية. سيُطبق المرسوم بقانون اتحادي رقم (9) لسنة 2016 بشأن الإفلاس الذي دخل حيز التنفيذ في 29 ديسمبر 2016، والصادر عن رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، على الشركات التي تم تأسيسها وفقًا للقانون الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة رقم 2 لسنة 2015 في شأن الشركات التجارية.
قانون الإفلاس الجديد الذي يتعامل مع الشركات المتعثرة التي على وشك الانهيار من أجل التوصل إلى تسوية ووضع مبادئ توجيهية جيدة الصياغة وتجنب حدوث مثل هذه الأمور، خاصةً بالنسبة للشركات الموجودة في السوق منذ أكثر من عقد والتي عملت بجد لبناء سمعة واسم لا يمكنهم تحمل خسارته، قد يكون الحل للحفاظ على سمعة الشركات واستمرارها لمدة أطول في السوق.
التعديلات الرئيسية في قانون الإفلاس
يلغي القانون الجديد صراحةً أحكام الفصل الخامس (انتهاء الإفلاس) من قانون المعاملات التجارية والقانون الاتحادي رقم 3 لعام 1987 الذي يُنظم أحكام الإفلاس (المواد 417 و418 و419 و420 و421 و422)، والتي أُلغيت بموجب المادة 230 من قانون الإفلاس الجديد. لقد تم إدخال العديد من الأحكام التي يمكن أن تساعد في ممارسة القانون بطريقة أكثر كفاءة. حيث كانت الشركات مُلزمة سابقًا بإعلان إفلاسها في إطار زمني مدته 30 يومًا من تاريخ التخلف عن سداد أول دفعة، وإلا سيتم اعتبارها "مُفلسة افتراضيًا"، بالإضافة إلى إمكانية رفع دعوى جنائية ضد ممثلي الشركة.
منح قانون الإفلاس الجديد المساهمين والمديرين الحق في الاختيار بين اتخاذ إجراءات إعلان الإفلاس أو الشروع في الصلح الوقائي. يجب الأخذ في الاعتبار أن قانون الإفلاس الجديد لا ينطبق بشكل أساسي إلا على الشركات التجارية، والشركات المملوكة للحكومة كليًا أو جزئيًا والتي تم تشكيلها بموجب مرسوم أميري من خلال الإشارة صراحةً إلى ذلك في الوثائق التأسيسية الخاصة بهم، كما ينطبق على التجار الأفراد.
ومع ذلك، لن يتمكن الأفراد غير التجار من الحصول على أي حماية من الملاحقة الجنائية والاعتقال بموجب القانون. لن يكون لهذا القانون الجديد أي جدوى في حالات الشيكات الشخصية المرتجعة وسيظل ذلك خاضعًا للقانون المدني في دولة الإمارات العربية المتحدة لاسترداد قيمة الشيكات. إن إحدى القضايا الرئيسية التي كانت تواجه المواطنين من غير مواطني دولة الإمارات العربية المتحدة الذين كانوا مديرين ومساهمين في الشركات التي كانت تتخذ من دولة الإمارات العربية المتحدة مقرًا لها في الماضي، أنهم عاشوا حياتهم في ظل الخوف من المسؤولية الجنائية المحتملة بموجب قانون العقوبات باعتبارهم الموقعين على الشيكات المرتجعة.
وفقًا للقانون الجديد، إذا شرع المدينون في الصلح الوقائي أو وضع خطة لإعادة جدولة الديون، عندئذٍ يمكن تجنب الانتهاك الجنائي للقانون. تُشرف "لجنة إعادة الجدولة المالية" على مجموعة من الخبراء في مجال الإعسار وسجل حالات الإعسار، الذين يجب عليهم تطبيق اختبارات معينة لتحديد الالتزامات المالية للشركة التي تقدمت بطلب الإفلاس مثل اختبار "التدفق النقدي" واختبار "الميزانية العمومية".
المديرين والمساهمين والجرائم المحتملة
هناك عدد من الجرائم التي قد تُوجه إلى أعضاء مجلس إدارة الشركات ومديريها والتي يتم تسويتها فيما بعد بأمر من المحكمة والتي تندرج ضمن أحكام المادة 201 من قانون الإفلاس. أي عضو مجلس إدارة تثبُت إدانته بارتكاب مثل هذه الجرائم، وكذلك الأشخاص الذين يتولون إدارة جزء معين من العمل بأمر من مجلس الإدارة أو المدير العام، يُعاقب بالسجن لمدة لا تزيد عن عامين. قد يتسبب ذلك أيضًا للمديرين في تحمل التزامات مالية شخصية، وقد تشمل هذه الجرائم ما يلي:
1. إساءة استخدام المدفوعات في سياق العمل المعتاد أو الموافقة على السداد لواحد أو أكثر من الدائنين، ويشكل ذلك جريمة إذا مُنحت الأفضلية بعد توقف الشركة عن سداد ديونها عند استحقاقها.
2. عندما يرغب المديرون في بيع أصول الشركة بسعر منخفض عن سوء نية، فإن ذلك سيشكل جريمة وسيتم اعتباره غير قانوني. ويتعين على المديرين أن يضعوا في اعتبارهم أنهم حين يقومون بتقييم أصول الشركة سيحصلون على القيمة السوقية الحالية من خلال الاستعانة بخدمات خبير تقييم متخصص، وخاصةً إذا كان الغرض من البيع هو تعطيل الشركة عن الشروع في الصلح الوقائي أو إعلان إفلاسها.
3. سيتحمل المدير المسؤولية عن القيام بأي أنشطة تجارية أخرى غير الأنشطة التجارية الرئيسية كما هو منصوص عليه بموجب ترخيص الشركة، وخاصةً إذا كان هذا النشاط التجاري يتسم بطابع المضاربة وله تأثير كبير على القدرة المالية للشركة.
4. ومن الأهمية بمكان ملاحظة أن الجرائم، مثل الاحتيال في السجلات، أو تزوير الحسابات، أو الإخفاء المتعمد للحقائق والأرقام، أو القيام بأي نشاط قد يعطي أفضلية عند توزيع الأصول، يُشكل أيضًا جريمة جنائية.
التعديلات الرئيسية في قانون الإعسار للشخص الطبيعي الجديد
يتضمن قانون الإعسار الجديد بشكل أساسي خيارين رئيسيين وإجراءات لأولئك الذين يواجهون صعوبات مالية في شؤونهم المالية الشخصية. الخيار الأول المتاح للأفراد هو طلب المساعدة القضائية لتسوية الديون. الخيار الثاني هو تصفية الأصول الشخصية نتيجة عدم قدرة الفرد على سداد ديونه لمدة تزيد عن 50 يومًا من تاريخ أول تخلف عن السداد.
أثناء إجراءات التصفية، سيتم اعتبار جميع الإجراءات القانونية بما في ذلك الإجراءات الجنائية ضد الشيكات المرتجعة الصادرة عن المدين قبل بدء الإجراءات وإجراءات الإنفاذ القضائي ضد المدين وأصوله معلقة مع استثناء وحيد للديون المضمونة. وفقًا لقانون الإعسار الجديد، يجوز للمدين أن يلتمس المساعدة القضائية لتسوية الديون المستحقة عن طريق تعيين خبير واحد أو أكثر ولكن تعيين الخبير يخضع لموافقة المحكمة.
عندما توافق المحكمة على طلب تعيين خبير، هذا الإجراء من شأنه أن يفرض تأجيلاً نافذًا على إجراءات الدائنين الرامية إلى الاستيلاء على أصول المدينين لبدء أي نوع من إجراءات التصفية. ولقبول طلب التصفية من خلال المحاكم، يجب أن يتخلف المدين عن السداد للدائن لأكثر من 50 يومًا متتاليًا.
يجب على المدين عدم إخفاء أيًا من أصوله عن المحكمة أثناء تقديم طلب التصفية ويجب أن تكون جميع البيانات التي أدلى بها المدين فيما يتعلق بأصوله والتزاماته المالية وحقوقه صحيحة وإلا قد ترفض المحكمة طلب التصفية. عند الموافقة على الإجراءات من خلال تعيين خبراء المحكمة، يجب وضع خطة تسوية أمام المحكمة، يوافق عليها الدائنون للتصويت.
يجب ألا يتجاوز الجدول الزمني لخطة التسوية ثلاث سنوات من تاريخ موافقة المحكمة، ومع ذلك، يمكن تمديد هذا الجدول الزمني بموافقة الدائن الذي يمتلك ثلثي أو أكثر من الديون غير المسددة. في حالة عدم موافقة الدائن على الخطة أو عدم السماح باستبدال الضمان، يجوز للمحكمة أن تقرر إنهاء الإجراءات، وقد يؤدي ذلك إلى تصفية أصول المدين فورًا وفقًا للقانون.
ونتيجة للتصفية، يُحظر على المدين أن يتقدم بطلب للحصول على أي قروض أو تمويل جديد لمدة ثلاث سنوات من تاريخ صدور الحكم بالإعسار؛ ويحظر على المدين الدخول في أي التزامات، سواء بمقابل أو بدون مقابل، لمدة ثلاث سنوات من تاريخ صدور الحكم. ستتم إعادة حقوق المدين كما هو مذكور أعلاه بعد انقضاء ثلاث سنوات على إجراءات التصفية.
يمكن تخفيض هذه القيود إلى عامين إذا سدد المدين 50٪ من ديونه المستحقة، وإلى عام واحد إذا تمكن المدين من سداد 75٪ من إجمالي ديونه المستحقة. المناقشة المذكورة أعلاه تشير إلى الاختلافات والنقاط الرئيسية التي يتضمنها القانونان. يمكننا الجزم أنه في ظل هذا التعديل الجديد في قانون الإفلاس، أصبح لدى الشركات في الوقت الحالي خيارات يمكن من خلالها تجنب الإفلاس ولن تضطر إلى الهروب وترك الأموال والسمعة الطيبة التي اكتسبتها بشق الأنفس. أيضًا بالنسبة للأفراد الذين يعانون من أزمة مالية لديهم خيار جعل الأمور أكثر مرونة وسهولة بالنسبة لهم.
كُتب بواسطة:
خبيب بن نعيم | جاسم علي الحداد للمحاماة والاستشارات القانونية
هذا المنشور لعرض المعلومات العامة فقط، ولا يهدف لتقديم استشارة قانونية شاملة أو أي نوع آخر من الاستشارات.
لا تتحمل شركة ليجال أدفايس ميدل إيست والمساهمون مسؤولية أي خسائر قد تنجم عن الاعتماد على المعلومات المذكورة في هذا المنشور. هذا المنشور يهدف فقط إلى الإشارة إلى المسائل القانونية التي تحتاج إلى طلب الاستشارة بشأنها.
لا بد من الحصول على استشارة قانونية شاملة في الوقت المناسب من خلال محامٍ كفء عند التعامل مع مواقف معينة.