Legal blog
رأي في القرار التعقيبي المدني عدد 76935 الصادر في 11 نوفمبر 2020 (ج 3)

لقد رأينا في المقال السابق أن محكمة التعقيب اعتبرت أن عدم ذكر ساعة الحضور بمحضر الاستدعاء لا يرتب بطلانه وإن تخلف المستدعي عن الحضور، فخالفت بذلك نصوصاً آمرة. ولقد حاولت أن تتمم نقص المحضر باستنتاج قائم على أمور خارجية ظنية، فانحرفت في آنٍ واحد عن القانون والمنطق.
وقد أكدت الدوائر المجتمعة في قرارها عدد 50 المؤرخ في 10 مارس 1992 أن "محاضر تبليغ مستندات الطعن هي أوراق شكلية يتعين أن تراعى في تحريرها الأوضاع التي قررها القانون لاحتوائها على بيانات وجوبية فهي تشمل في صلبها دليل استكمال شروط صحتها، فلا تكملة النقص في البيانات الواجب ذكرها فيها بأي دليل يستمد من غير المحضر ذاته"(عصام الأحمر، فقه قضاء الدوائر المجتمعة 1961_2007، تونس 2008).
لم يجعل المشرع غير وسيلة خارجية وحيدة لجبر النقص الوارد بالمحضر، وهي حضور المستدعي بالجلسة، إذ عندها تتحقق الغاية من الإجراء. ولكن بدا لمحكمة القانون رأي آخر، وليتها توقفت عند هذا الحد، فها هي تواصل خرق القانون باعتبارها دعوى المطالبة بغرامة الحرمان دعوى متعلقة بمنقول.
1- عرض موقف محكمة التعقيب
تقول محكمة التعقيب في هذا القرار "وحيث أن تطبيق القواعد العامة يخول الاحتكام إلى الفصل 30 المشار إليه آنفاً وأيضاً إلى الفصل 36 من م.م.م.ت الذي يعطي الخيار للطالب في رفع دعواه ضمن خمس صور فيها الصورة المتعلقة بالدعوى التي موضوعها منقول.
فتكون المحكمة المختصة أصالة هي مقر المطلوب (الفصل 30) ما لم يخير الطالب القيام أمام محكمة أخرى وهي المحكمة التي يوجد بدائرتها المنقول (الفصل 36).
ولا شك في أن الأصل التجاري هو منقول وبالتالي فإن دعوى غرامة الحرمان المتعلقة بذلك المنقول يمكن القيام بها أمام المحكمة التي يوجد بدائرتها مقر المطلوب مالك الجدران أو المحكمة التي يوجد بها الأصل التجاري موضوع النزاع عملاً بأحكام الفصل 36 من م.م.م.ت. ويبقى الخيار مفتوحاً للطالب لمباشرة دعواه بأي من المحكمتين وفق ما تخوله القراءة السليمة لقواعد الاختصاص الترابي بمجلة المرافعات المدنية والتجارية والقانون عدد 37 لسنة 1977...
فهل أحسنت محكمة القانون وصف دعوى المطالبة بغرامة الحرمان؟
2- مناقشة موقف محكمة التعقيب
ينص الفصل 189 من المجلة التجارية على أن "تندرج في محتويات الأصل التجاري الأشياء المنقولة المخصصة لممارسة أعمال التجارة..."، وقد أكد الفقه أن الأصل التجاري منقول معنوي، وهو يمثل مجموعة واقعية تتكون من عناصر مادية كالمعدات والسلع، وعناصر معنوية كالحرفاء والسمعة التجارية ( يوسف الكناني وفوزي بالكناني، قانون الأموال، مركز النشر الجامعي 2003، ص 20)، ويصنف منقولا بحكم القانون طبق الفصل 15 من م.ح.ع (عبد المنعم عبود، مجلة الحقوق العينية المعلق عليها، دار إسهامات في أدبيات المؤسسة، طبعة ثانية 2000، ص 29).
إذا سايرنا محكمة التعقيب في اعتبار الأصل التجاري منقولاً، فهل يمكن موافقة وصفها لدعوى غرامة الحرمان؟
اقتضى الفصل 20 من م.م.م.ت في فقرته الثانية على أن "توصف بدعاوى متعلقة بمنقول الدعاوى التي القصد منها استحقاق شيء منقول بطبيعته أو اعتبره القانون منقولاً".
وورد بالفصل 36 من م.م.م.ت "للطالب في الصور التالية الخيار في رفع دعواه لدى المحكمة المنصوص عليها بالفصل 30 أو لدى المحاكم الآتية... 2- في صورة الدعوى المتعلقة بالمنقول المحكمة التي بدائرتها وجد المنقول المتنازع فيه..."
يستفاد من ذلك أن الدعوى المتعلقة بمنقول هي دعوى عينية لأنها تستند إلى حق عيني على منقول كدعوى استرداد المنقول. أما دعوى غرامة الحرمان موضوع هذا القرار االتعقيبي فلا علاقة لها البتة باستحقاق الأصل التجاري، ولذلك فلا يمكن وصفها بدعوى متعلقة بمنقول، ولا مجال لتطبيق الفصل 36 من م.م.م.ت عليها، بل هي دعوى شخصية مبنية على عقد الكراء.
لقد أخطأت محكمة القانون في وصف الدعوى كما سلف بيانه، والغريب أنها أكدت في موضع آخر من أسباب قرارها أن هذه الدعوى شخصية بامتياز، وهو ما سنحلله في مقال لاحق.
بقلم:
يوسف الصابري | مكتب يوسف الصابري للمحاماة
Currently, there is no information to display in this section.
This publication is for general information purposes only. It does not purport to provide comprehensive full legal or other advice.
Legal Advice Middle East and the contributors accept no responsibility for losses that may arise from reliance upon information contained in this publication. This publication is intended to give an indication of legal issues upon which you may need advice.
Full legal advice should be taken in due course from a qualified professional when dealing with specific situations.